الحركات الزائدة عند الأطفال: نشاط طبيعي أم مشكلة تحتاج للعلاج؟
تُعد الحركات الزائدة من أكثر السلوكيات التي تثير قلق الأهل في مرحلة الطفولة. فقد تلاحظ الأم أن طفلها لا يهدأ، يتحرك باستمرار، يعبث بكل شيء حوله، ويتكلم دون توقف. حينها يطرح السؤال نفسه: هل هذه الحركات الزائدة طبيعية ضمن مراحل النمو؟ أم أنها مؤشر على مشكلة سلوكية أو نفسية؟
في هذا المقال نوضح الفرق بين النشاط الطبيعي والحركات المفرطة، ومتى يستدعي الأمر القلق أو التدخل، وما هي الخطوات العملية لمساعدة الطفل على تنظيم سلوكه بحب وصبر.
ما المقصود بالحركات الزائدة؟
الحركات الزائدة تشير إلى فرط في النشاط الجسدي أو الانفعالي لدى الطفل مقارنةً بأقرانه في نفس العمر. تظهر في صورة:
كثرة الحركة دون هدف واضح.
عدم التوقف أثناء الجلوس أو اللعب.
مقاطعة الحديث.
عدم التركيز في المهام البسيطة.
التصرف باندفاع أو بدون تفكير.
لكن لا يمكن الحكم على سلوك الطفل من ملاحظة واحدة. علينا أن ننظر للسياق، التكرار، والمدة التي يظهر فيها هذا السلوك.
متى تكون الحركات الزائدة طبيعية؟
في بعض المراحل العمرية، تكون الحركات الكثيرة جزءًا من النمو الطبيعي، خاصة في عمر:
من 2 إلى 5 سنوات: حيث يكون الطفل في قمة الاكتشاف الحسي والحركي.
فترات الملل أو بعد الجلوس لفترة طويلة: قد يُظهر الطفل حركات زائدة كردة فعل طبيعية.
عند الشعور بالفرح أو التوتر: فيعبر الطفل بالحركة المفرطة أو الحماس الزائد.
إذا كان الطفل قادرًا على التوقف عن الحركة عند الطلب، أو يمكنه التركيز في نشاط يحبه، فهذا غالبًا نشاط طبيعي لا يستدعي القلق.
متى تشير الحركات الزائدة إلى مشكلة؟
إذا استمرت الحركات الزائدة بشكل مستمر ومؤثر على حياة الطفل اليومية، فقد تكون مؤشرًا لحالة تحتاج إلى تقييم، مثل:
1. اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)
وهو أكثر الأسباب شيوعًا، ويظهر من خلال:
نشاط مفرط لا يتناسب مع المرحلة العمرية.
ضعف التركيز والتشتت السريع.
سلوك اندفاعي.
صعوبة في الانتظار أو اتباع التعليمات.
2. القلق أو التوتر النفسي
بعض الأطفال يعبرون عن قلقهم الداخلي بالحركات الزائدة، مثل تحريك الأرجل، قضم الأظافر، أو الحركة دون توقف.
3. اضطرابات حسّية أو عصبية
قد يعاني بعض الأطفال من صعوبة في تنظيم المعلومات الحسية في البيئة، مما يدفعهم للحركة كوسيلة لتهدئة أنفسهم.
كيف أفرّق بين النشاط الطبيعي والمشكلة السلوكية؟
اسأل نفسك الأسئلة التالية:
هل تؤثر الحركات على أداء طفلي في المدرسة أو الروضة؟
هل يعاني من صعوبة في تكوين صداقات أو الالتزام بالقواعد؟
هل تستمر هذه الحركات طوال اليوم وفي كل الأماكن؟
هل يسبب السلوك إزعاجًا كبيرًا للعائلة أو يعرقل النشاطات اليومية؟
إذا كانت الإجابة “نعم” لأغلب هذه الأسئلة، فقد يكون هناك حاجة للتقييم من مختص نفسي أو طبيب أطفال.
كيف أتعامل مع الحركات الزائدة بطريقة إيجابية؟
1. تنظيم اليوم بنشاطات بدنية منتظمة
لا تمنع الطفل من الحركة، بل وفر له فرصًا للتفريغ مثل:
اللعب في الهواء الطلق.
ركوب الدراجة.
ألعاب القفز والحركة.
2. تعليم الطفل أدوات للتهدئة الذاتية
مثل:
التنفس العميق.
العد التنازلي.
الاستماع لموسيقى هادئة.
3.تقليل المحفزات البيئية الزائدة
خاصةً قبل النوم أو الدراسة: كالأجهزة الذكية، الأصوات العالية، أو الإضاءة القوية.
4. تقديم تعليمات بسيطة وواضحة
يفضل توجيه تعليمات قصيرة بلغة إيجابية مثل: "ضع قدمك على الأرض" بدلًا من "توقف عن الحركة".
5. المكافأة على السلوك الجيد
امدح الطفل عندما يجلس بهدوء أو يُنهي مهمة بنجاح. التعزيز الإيجابي أقوى من العقاب.
متى أطلب المساعدة المتخصصة؟
استشر مختصًا في حال:
تكررت الشكاوى من المعلمين أو مقدمي الرعاية.
ظهرت مشاكل في النوم أو الأكل بسبب النشاط الزائد.
أثر السلوك على الصحة النفسية أو الجسدية للطفل.
التدخل المبكر يسهم في تحسين سلوك الطفل ومنع تفاقم المشكلات على المدى البعيد.
خلاصة: فهم لا قلق
ليست كل حركة زائدة مشكلة، وليست كل طاقة زائدة علامة اضطراب. الطفل الطبيعي يختبر حدود جسده وحماسه من خلال الحركة. لكن إن كان السلوك مستمرًا ومؤثرًا على الحياة اليومية، فالملاحظة الواعية والتدخل المناسب هما أفضل ما يمكن أن تقدمه لطفلك.
بالحب والوعي، يمكننا تحويل الحركات الزائدة من مصدر قلق إلى فرصة لفهم أعمق لنمو أطفالنا
تعليقات
إرسال تعليق