كيف أتعامل مع نشاط مفرط غير طبيعي لدى طفلي
يعاني بعض الأهل من صعوبة في التعامل مع طفل لا يتوقف
عن الحركة، يقفز ويتنقل ويتكلم باستمرار، ويبدو وكأن طاقته لا تنفد أبدًا.
لكن هل هذا النشاط طبيعي؟ أم أنه يشير إلى مشكلة تستدعي التدخل؟ وكيف يمكن توجيه هذا السلوك بطريقة إيجابية دون اللجوء للعقاب أو القسوة؟
في هذا المقال، نستعرض علامات النشاط المفرط غير الطبيعي، الفارق بين الطفل النشيط والطفل المصاب بفرط الحركة، وأفضل الطرق العملية لمساعدة الطفل على التركيز والهدوء.
هل كل طفل كثير الحركة يُعد مفرط النشاط؟
من الطبيعي أن يكون الأطفال نشيطين، خاصة في المراحل العمرية الأولى (من 3 إلى 7 سنوات). يحبون القفز، الجري، والاستكشاف. ولكن هناك فرق بين النشاط العادي و"النشاط المفرط غير الطبيعي".
الطفل النشيط:
- يتحكم في حركته عند الطلب.
- يستطيع الجلوس بهدوء في أوقات معينة.
- يستجيب للتوجيه والتعليمات.
أما الطفل مفرط النشاط بشكل غير طبيعي:
- لا يستطيع البقاء جالسًا حتى لفترات قصيرة.
- يقاطع الآخرين كثيرًا ويتكلم بشكل مفرط.
- لا ينجز المهام البسيطة بسبب التشتت.
- قد يظهر سلوكًا اندفاعيًا أو عدوانيًا.
إذا استمرت هذه الأعراض لفترة طويلة وأثّرت على حياته الاجتماعية أو الدراسية، فقد يكون الأمر أكثر من مجرد نشاط زائد.
ما هي أسباب النشاط المفرط غير الطبيعي؟
تتنوع الأسباب، وقد تتداخل فيما بينها:
1. الاضطرابات العصبية مثل فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)
هو اضطراب شائع في الطفولة، ويترافق غالبًا مع صعوبة في التركيز، وفرط حركة مفرط، واندفاع في التصرفات.
2. نظام غذائي غني بالسكريات أو المواد الصناعية
بعض الدراسات تشير إلى أن استهلاك كميات كبيرة من السكر، المواد الحافظة، أو الأطعمة المصنعة قد يُفاقم فرط الحركة لدى بعض الأطفال.
3. قلة النوم
نقص ساعات النوم يؤثر على تركيز الطفل ويجعله أكثر عصبية ونشاطًا غير منضبط خلال اليوم.
4. ضغوط نفسية أو بيئة غير مستقرة
القلق، التغيرات الأسرية، أو التوتر العائلي قد يظهر لدى الطفل على شكل فرط حركة أو تصرفات غير متوقعة.
كيف أتعامل مع النشاط المفرط غير الطبيعي؟ خطوات عملية:
1. تفهم السلوك بدلًا من مقاومته
بدلًا من توبيخ الطفل على حركته المستمرة، حاول فهم ما يحفّز هذا السلوك. هل هو ملل؟ توتر؟ حاجة للحركة؟ تفهمك هو أول خطوة نحو الحل.
2. وضع روتين يومي ثابت
الأطفال الذين يعانون من نشاط زائد يستفيدون كثيرًا من الروتين. حدّد:
- مواعيد ثابتة للنوم والاستيقاظ.
- أوقات للعب وأوقات للهدوء.
- جدول يومي بصري يساعده على معرفة ما هو متوقع منه.
3. استخدام الأنشطة الحركية كأداة لتنظيم الطاقة
لا تمنع طفلك من الحركة، بل وجهها بذكاء عبر:
- أنشطة بدنية يومية مثل الركض أو الدراجة أو السباحة.
- ألعاب قفز أو توازن.
- التمارين الحركية المنتظمة، خاصة في الصباح.
4. تقليل المثيرات البصرية والسمعية
بيئة الطفل يجب أن تكون هادئة، بعيدة عن الضوضاء العالية والشاشات الساطعة.
الحد من استخدام الأجهزة الإلكترونية مهم جدًا للأطفال كثيري الحركة.
5. التغذية المتوازنة
قدم لطفلك وجبات غنية بالبروتينات والخضار، وقلل من:
- السكر المكرر.
- العصائر المصنعة.
- الأطعمة الغنية بالمواد الحافظة أو الصبغات.
6. تعليمه تقنيات التنفس والتهدئة
درّب طفلك على أخذ أنفاس عميقة، أو العد التنازلي عند الشعور بالاندفاع.
استخدم ألعاب أو تطبيقات تمارين التركيز لتطوير مهارات التهدئة الذاتية.
7. تعزيز السلوك الإيجابي بالتشجيع
بدل التركيز على ما يفعله "خطأ"، امدحه عندما:
- يبقى جالسًا فترة قصيرة.
- ينجز مهمة حتى لو بسيطة.
- يتحدث دون مقاطعة.
التعزيز الإيجابي يصنع فرقًا كبيرًا في بناء الثقة وضبط الذات.
8. استشارة أخصائي نفسي أو طبيب أطفال عند الحاجة
إذا كان السلوك يخرج عن السيطرة ويؤثر على الدراسة أو العلاقات، من الأفضل طلب تقييم من أخصائي في سلوك الطفل أو طبيب مختص في اضطرابات الطفولة.
ما لا يجب فعله:
- لا تعاقب الطفل على حركته: العقاب يولّد الإحباط ويزيد من العناد.
- لا تصفه بكلمات سلبية مثل "مشاغب" أو "مزعج" أمام الآخرين.
- لا تقارن بينه وبين أقرانه، فكل طفل له نمط نمو فريد.
متى ينبغي القلق؟
قد يكون الوقت مناسبًا لطلب تقييم طبي إذا لاحظت:
- أن الطفل لا يستطيع الجلوس أكثر من 5 دقائق حتى في وقت القصة.
- فشل متكرر في أداء الواجبات المدرسية بسبب التشتت.
- سلوك عدواني أو اندفاعي متكرر.
- تأثير واضح على العلاقات الأسرية أو مع الأصدقاء.
التشخيص المبكر لفرط الحركة أو غيره من المشكلات السلوكية يساعد على إدارة الحالة بفعالية.
خلاصة: تحكّم لا قمع
النشاط الزائد ليس عيبًا، بل قد يكون مؤشرًا على ذكاء وحيوية عالية. المفتاح هو إدارته وتوجيهه بطريقة تفيد الطفل ولا تؤذيه نفسيًا.
بالحب والصبر والتوجيه السليم، يمكن لطفلك أن يتعلّم كيف ينظّم نفسه ويستخدم طاقته في بناء مهارات مفيدة.
تعليقات
إرسال تعليق