اعلان اسفل القائمة العلوية

LightBlog

اخر الاخبار

LightBlog

الجمعة، 20 يونيو 2025

الفرق بين الدلال والحب: أين الحد؟

الفرق بين الدلال والحب: أين الحد؟



من الطبيعي أن يحب الأهل أبناءهم حبًا عميقًا، فهذا الحب هو الأساس الذي تقوم عليه العلاقة بين الطرفين. لكن في كثير من الأحيان، قد يختلط هذا الحب بالدلال الزائد، فيؤدي إلى نتائج عكسية دون أن يدرك الوالدان ذلك. لهذا، فإن معرفة الفارق بين الحب السليم والدلال المُفرِط يُعد من الأمور الأساسية في التربية الناجحة.

ما هو الحب الحقيقي في تربية الأبناء؟

الحب لا يقتصر على العناق والكلمات الدافئة، بل يشمل الرعاية والتشجيع والتوجيه والاهتمام الحقيقي بمصلحة الطفل على المدى الطويل. الحب يعني أن تكون حاضرًا، داعمًا، وصبورًا مع طفلك، لكنه أيضًا يتطلب أن تكون حازمًا حين يحتاج الأمر إلى حدود.

الحب الحقيقي يربّي طفلًا واثقًا من نفسه، قادرًا على الاعتماد على ذاته، ويشعر بالأمان العاطفي لأنه يعرف أن هناك من يحبه بصدق، حتى عندما يُخطئ.

ما هو الدلال المفرط؟

الدلال هو الإفراط في تلبية رغبات الطفل دون توجيه أو حدود. وغالبًا ما يأتي من شعور الأهل بالشفقة، أو من رغبتهم في تعويض الطفل عن نقص ما، أو حتى من الشعور بالذنب. لكن النتيجة غالبًا تكون طفلًا لا يعرف كيف يتعامل مع الواقع، يرفض القيود، ويصعب عليه تحمّل المسؤولية أو تقبل كلمة "لا".

الدلال قد يُشعر الطفل أنه محور العالم، وأن رغباته مقدمة على كل اعتبار، ما يؤدي إلى ضعف في القدرة على التكيف مع الحياة الواقعية خارج دائرة العائلة.

متى يتحول الحب إلى دلال؟

عندما لا يميز الوالدان بين التعبير عن الحب وتلبية كل رغبات الطفل، يصبح الحب دلالًا. على سبيل المثال، إذا لم يكن هناك حدود واضحة في السلوك، أو إذا شعر الطفل أنه بإمكانه الحصول على كل ما يريد في أي وقت، فهذه علامة واضحة على أن الحب خرج عن مساره الطبيعي.

أيضًا، عندما يتجنب الأهل تصحيح أخطاء الطفل خوفًا من حزنه، أو عندما يبررون له كل سلوك خاطئ، فإن هذا أيضًا من أشكال الدلال غير الصحي.

ما هي آثار الدلال الزائد على الطفل؟

الطفل المدلل قد يبدو سعيدًا في البداية، لكن على المدى الطويل، تظهر عليه مجموعة من المشكلات، منها:

  • ضعف القدرة على تحمل المسؤولية.
  • صعوبة في التكيف مع القوانين والنظام.
  • قلة الصبر والاحتمال.
  • مشاكل في التعامل مع الآخرين.
  • ضعف الثقة بالنفس رغم المظاهر العكسية أحيانًا.

الدلال يجعل الطفل يتوقع أن يحصل دائمًا على ما يريد، مما يؤدي إلى شعور بالإحباط الشديد عندما يواجه الواقع، سواء في المدرسة أو الحياة الاجتماعية لاحقًا.

كيف أحقق التوازن بين الحب والانضباط؟

أهم ما يحتاجه الطفل هو أن يشعر بأن الحب الذي يتلقاه ليس مشروطًا، لكن في الوقت ذاته، أن يدرك أن هناك حدودًا واضحة للسلوك. وهذا التوازن يتم من خلال خطوات عملية منها:

أولًا: وضع قواعد واضحة وثابتة للسلوك داخل البيت، مع شرحها بطريقة تناسب عمر الطفل.

ثانيًا: تقبّل مشاعر الطفل دون الاستجابة دائمًا لرغباته. من الطبيعي أن يحزن إذا رفضت له طلبًا، لكن من المهم أن يعرف أن الحزن جزء طبيعي من الحياة.

ثالثًا: تشجيعه على تحمّل مسؤوليات بسيطة تتناسب مع عمره، مثل ترتيب ألعابه، أو المشاركة في إعداد الطعام، فهذا يعزز استقلاليته.

رابعًا: منحه الفرصة لارتكاب الأخطاء والتعلّم منها، دون حماية زائدة أو لوم دائم.

وأخيرًا: التعبير عن الحب بطرق متنوعة مثل الحضن، الاستماع الجيد، التقدير اللفظي، وليس فقط من خلال تقديم الأشياء أو تلبية الطلبات.

خلاصة

الحب لا يعني الاستجابة لكل طلب، ولا يعني تبرير كل سلوك. الحب الحقيقي يُظهر نفسه في الرعاية والتوجيه، في الدعم والتصحيح، وفي الحضور المتوازن الذي يمنح الطفل الثقة دون أن يُفقده الواقعية.

أما الدلال، وإن بدا مريحًا في لحظته، فإنه يُضعف الطفل على المدى البعيد. لذلك، على الوالدين أن يسألوا أنفسهم دائمًا: "هل ما أفعله بدافع الحب، أم أنه في حقيقته نوع من الهروب من قول لا؟"

عندما نحب أطفالنا بوعي، فإننا نبني شخصيات متوازنة، قادرة على مواجهة الحياة بثقة، ونتجنب صناعة جيل هشّ، يعتمد على غيره في كل شيء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Adbox