اعلان اسفل القائمة العلوية

LightBlog

اخر الاخبار

LightBlog

الجمعة، 20 يونيو 2025

متى يبدأ الطفل في فهم الحدود والقوانين؟

متى يبدأ الطفل في فهم الحدود والقوانين؟ دليل تربوي شامل للآباء والمربين



فهم الطفل للحدود والقوانين هو أساس بناء الانضباط الذاتي، وتعلُّم السلوكيات المناسبة في مختلف المواقف الحياتية. هذه القدرة لا تنشأ فجأة، بل تتطوّر تدريجيًا منذ السنوات الأولى من عمر الطفل. ويعدّ إدراك الطفل للحدود علامة على تطوره العقلي والعاطفي، كما أنها تمهّد لتعامله الصحي مع الآخرين ومع العالم من حوله.

في هذا المقال، نستعرض بالتفصيل متى يبدأ الطفل في فهم الحدود والقوانين، وكيف يمكن للآباء والمربين دعم هذا الفهم بشكل سليم.

 ما المقصود بالحدود والقوانين بالنسبة للطفل؟

الحدود هي القواعد السلوكية التي توضح للطفل ما هو مقبول وما هو غير مقبول، سواء في المنزل أو في المدرسة أو في المجتمع عمومًا. أما القوانين فهي التعليمات أو التوجيهات التي تُحدد ما يجب فعله وما يجب تجنّبه، وتكون مرتبطة بعواقب واضحة.

قد تكون هذه الحدود بسيطة، مثل "لا نصرخ داخل المنزل" أو "نغسل أيدينا قبل الأكل"، لكنها تشكل أساس بناء السلوك لدى الطفل.

متى يبدأ الطفل بفهم الحدود؟

1. منذ عمر السنة إلى السنتين

في هذه المرحلة، يبدأ الطفل في إدراك وجود أنظمة أو قواعد في محيطه، رغم أنه لا يستطيع بعد فهمها منطقيًا. عندما تقول الأم "لا" بنبرة حازمة، يدرك الطفل أن هناك شيئًا مرفوضًا، ويبدأ بالتجاوب بردود فعل عاطفية، مثل البكاء أو الإصرار.

رغم أن الطفل لا يطيع الأوامر دائمًا في هذا العمر، فإن تكرار القواعد بهدوء وثبات يساعده على ربط الأفعال بالعواقب تدريجيًا.

2. من عمر سنتين إلى ثلاث سنوات

هذا هو العمر الذي يسمى غالبًا بـ"سن التمرد"، حيث يبدأ الطفل باختبار الحدود عمدًا. في هذه المرحلة، يبدأ بفهم القوانين البسيطة، مثل "نجمع الألعاب بعد اللعب" أو "نقول شكرًا عند الحصول على شيء".

هنا يكون الطفل قادرًا على الربط بين الأفعال والنتائج، خصوصًا إن كانت العواقب واضحة وثابتة. ويبدأ أيضًا بتعلُّم أن هناك حدودًا لسلوكياته تجاه الآخرين.

3. من ثلاث إلى خمس سنوات

في هذه المرحلة، يتحسن الفهم العقلي والانفعالي للطفل، ويبدأ بإظهار التزام نسبي بالقواعد، خصوصًا عندما تكون مدعومة بالشرح والتكرار.

الطفل يبدأ باستيعاب مفاهيم مثل العدالة، والدور، والمسؤولية. على سبيل المثال، يمكنه أن يفهم أن "لا يمكن أخذ دور أحد في اللعب" أو أن "القوانين في الروضة موجودة لحماية الجميع".

كيف نساعد الطفل على فهم الحدود والقوانين؟

1. التكرار والثبات

الطفل يتعلم من التكرار، ويحتاج إلى أن تكون القواعد واضحة وثابتة. تغيير القوانين حسب المزاج يربكه ويضعف احترامه لها.

2. الشرح المناسب لعمره

بدلاً من فرض القوانين بالقوة فقط، من المفيد أن نشرح للطفل ببساطة لماذا هذه الحدود مهمة، مثل: "نغسل أيدينا حتى لا نمرض" أو "لا نضرب لأن هذا يؤذي الآخرين".

3. القدوة الحسنة

الطفل يقلّد أكثر مما يسمع. إذا رأى والديه يلتزمون بالقوانين، مثل احترام وقت النوم أو استخدام كلمات مهذبة، سيكتسب هذه العادات تلقائيًا.

4. المدح والتشجيع

عندما يلتزم الطفل بحدود معينة، يجب الإشادة بسلوكه الإيجابي، ما يعزز لديه الشعور بالإنجاز والانتماء.

5. العواقب الواضحة

يجب أن تكون هناك عواقب طبيعية وواضحة عند كسر القوانين. لا يعني ذلك العقاب القاسي، بل مثلاً: "إذا لم تجمع ألعابك، فلن نلعب بها غدًا". هذا يُظهر أن الأفعال لها نتائج.

هل جميع الأطفال يفهمون القوانين بنفس السرعة؟

لا. هناك تفاوت طبيعي بين الأطفال في سرعة فهمهم للحدود والقوانين، وهذا يعتمد على عوامل متعددة، مثل:

  • البيئة الأسرية: الطفل الذي ينشأ في بيئة منظمة وثابتة، غالبًا ما يتعلم الحدود بشكل أسرع.
  • القدرات العقلية والنضج العاطفي: بعض الأطفال أكثر حساسية واستجابة للتوجيهات.
  • نمط التربية: الحزم اللطيف والاتساق يؤتيان نتائج أفضل من القسوة أو التسيّب.

أخطاء شائعة تعيق فهم الطفل للحدود

  • التهديد بدون تنفيذ: كأن يُقال للطفل "سأمنعك من التلفاز" ثم لا يُنفذ هذا التهديد، ما يفقد القانون مصداقيته.
  • الصراخ المستمر: الصراخ قد يدفع الطفل للامتثال مؤقتًا، لكنه لا يبني وعيًا أو احترامًا حقيقيًا للقانون.
  • التذبذب في القواعد: مرة يُسمح له بالقفز على الأريكة، ومرة يُمنع. هذا يربك الطفل ويجعله غير قادر على التمييز بين الصواب والخطأ.

في الختام

يبدأ الطفل في فهم الحدود والقوانين منذ عامه الثاني، لكن هذا الفهم يتطور تدريجيًا ويحتاج إلى صبر وتوجيه حكيم. البيئة المتزنة، والمثال الجيد، والتواصل الفعّال، جميعها مفاتيح لبناء طفل يحترم القواعد ويعي معناها. التربية لا تعني فرض السيطرة، بل تعني بناء شخصية مستقلة قادرة على اتخاذ قرارات سليمة ضمن إطار منظم وواضح.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Adbox